الاستثمار نيوز-ريهام علي
حلم الثراء الذي يستهوينا ولا ندري بأي منقلب سننقلب بين عشية وضحاها، أدى إلى تبخر 6 مليار جنيه في الهواء الطلق بعد الاستيلاء عليهم من عصابة ممنهجة أطلق عليهم “المستريح الإلكتروني”، تاركين خلفهم انهيار وصيحات مواطنين كانوا يطمعون في حياة أفضل، أو كفاف عيش، دون عناء وبسرعة الريح لكن لم يصمد الوهم طويلا وبدأت” هوج بول” بوضع الشباك للمواطن في شهر أغسطس 2022.
قامت بعمل آلات لتعدين عملات رقمية مشفرة مثل “البيتكوين”، وأوهمت الضحايا أنهم يعملون تحت مظلة الحكومة والقانون، بالتعاون مع شركة فودافون وكتبوا النهاية تحديدا يوم 25 فبراير ، 2023 حيث أعلنت عن صندوق بـ 8000 جنيه، بربح 40 ألف في غضون 5 أيام، و صندوق بـ4000 بربح 20 ألف جنيه خلال خمس أيام أيضا، وتم شراء الصناديق بنجاح، إلا أنهم فوجئوا بغلق التطبيق عقب الاستيلاء على أموالهم التي بلغ إجماليها حوالي “19مليون جنيه”.
ووصل عدد الضحايا لما يزيد على نصف مليون مواطن، منذ انطلاق التطبيق ، وأصبحت جروبات “هوج بول” على “الواتس اب” مرتع لنشر منصات وتطبيقات أخرى، تعلن عن الثراء السريع وأيضا بدأو في حملات تبرعات بعد أن كانوا يحلمون بفيلا وسيارة وحياة أفضل.
وفي هذا السياق كانت هذه التصريحات من بعض ضحايا تطبيق “هوج بول”،
قالت ليلى ربة منزل واحدى ضحايا “هوج بول” حين علمت بهذ التطبيق دخلت بمصروف البيت الذي أحصل عليه شهرياً من زوجي، ووعدته أن ينتظر أرباحاً هائلة يومياً، وانني جدت ضالتي بهذا التطبيق، ووعدته اننا سنصبح أثرياء بغمضة عين، ولكنه كان يحذرني فأخفيت أمري عنه، واقنعته بأن يعطيني مبلغ وسأرده بربح، وأيضا بعت مجوهراتي، ولم اكتفي بذلك فمضيت على ايصال أمانة لجارتي مقابل مال، ووضعته كل الأموال في المنصة وحين علم زوجي قام بالإنفصال عني.
و قال محسن احمد الله موظف: خسارتي لا تزيد الـ 2800 جنيه، موضحاً أنه كان لا يقتنع بتلك المنصات، ولا ينوي الدخول فيها ولكنه بدأ في استخدام منصة “هوج بول” مؤخراً بعد تأكده أن صديقه المقرب ينال أرباحا ًمادية يومياً واشتري آلات صغيرة بـ 60 دولار، ما يعادل 1200 جنيه، وايضا 80 دولار ما يعادل 1600 جنيه وكان الربح المتوقع من الأولى 3630 والثانية 8000 جنيه، فكان العرض مغري خاصة بعد ماوجدت غالبية أصدقائي بالمشاركة في التطبيق ويحصلون على دخل يومي، ونادماً أشد الندم لأني اقحمت اخوتي وغيرهم في هذا التطبيق وخسروا مبالغ باهظة.
وأضافت دعاء محمد وهي تعمل مدرسة باحدى مدارس دمياط: خسرت في هذا التطبيق وغيره من المنصات خلال عام ونصف حوالي 140 ألف جنيه، وأنها عانت في جمعهم من البداية، وكان يراودها دائما حلم الثراء السريع معللة أن الحياة أصبحت مريرة ولا نستطيع العيش تحت مظلة الراتب الحكومي.
بينما قال محمود محاسب قانوني: اشتريت آلات وكنت متوقع حدوث عملية نصب، لكن كنت اعتقد أنها لن تكون من البداية، وراهنت على ذكائي وانني سوف اسحب أرباحي يومياً، وبعد فترة سأنسحب من المنصة لكن بمجرد ان اشتريت الصناديق الأخيرة التي اعلن عنها خسرت 100 الف جنيه مصري هباء، مضيفا انه يأمل في عودة الأموال إليه خاصة بعد القبص على النصابين.
وكان لزاما علينا بعد القبض على القائمون على التطبيق أن نتسائل هل ضحايا “هوج بول”، معرضون للمسائلة القانونية، حيث أنهم يعلمون أن التعدين في العملات المشفرة مجرم في مصر ورغم ذلك شاركوا فيه وهنا يتغير مواقفهم من ضحايا إلى شركاء.
وفي هذا الصدد قالت المحامية “ثريا صفوت” أن قانون البنك المركز ي يتضمن مادة تحظر استخدام هذه العملات
حيث تنص المادة 206 من قانون البنك المركزي رقم 194 لعام 2020 على أنه: “يحظرإصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية أو الإتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها بدون الحصول على ترخيص من مجلس الإدارة طبقا للقواعد والإجراءات التي يحددها”موضحة ان لموقف الضحايا الذين يعلمون أن التعدين في العملات المشفرة مجرم، ورغم ذلك شاركوا فيه فهنا يتغير مواقفهم الى شركاء وهذا يتوقف عنما تسفر عنه التحقيقات وتحريات المباحث.
وبالنسبة لموقف القائمين على التطبيق اكدت ثريا صفوت، ان نيابة الشؤون الإقتصادية وغسل الأموال، وجهت عدة اتهامات للمتهمين منها، تهمة استخدام تطبيق غير مرخص، وغسل الأموال، والنصب والاحتيال على المواطنين.
وأِشارت إلى انها جناية عقوبتها ما بين 3 حتى 7 سنوات، مع غرامة ودفع تعويض
وكان رد الشيخ عويضة عثمان، مدير الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، خلال بثا مباشرا بتاريخ 20فبراير 2020 على سؤال نصه : ما حكم العمل فى العملات الرقمية البيتكوين؟
وجائت اجابته: ان الاقتصاديون أكدوا على خطورة التداول في العملات الرقمية لذلك لا يجوز العمل بها.
و رأت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن تداول هذه العملات والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها حرامٌ شرعًا؛ لآثارها السلبية على الإقتصاد، وإخلالها باتزان السوق ومفهوم العمل، وفقدان المتعامل فيها للحماية القانونية والرقابة المالية المطلوبة، ولما فيها من الافتيات على وُلاة الأمور، وسلب بعض اختصاصاتهم في هذا المجال، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، وذلك يدخلُ في عموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». فضلًا عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول، والقاعدة الشرعية تقرر أنه “لا ضرر ولا ضرار”
ويذكر أن الضحايا قامو بعمل 1000 بلاغ خلال أربعة أيام، ضد القائمون على منصة “هوج بول”، وتمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد ورصد عناصر تلك الشبكة الإجرامية وتبين أنهم 29 شخصا من بينهم 13 يحملون جنسية إحدى الدول الأجنبية، واتخذوا فيلتين سكنيتين بالقاهرة مقرًا لمزاولة نشاطهم غير المشروع
ومن الجدير بالذكر أن شركة “هوج بول” تأسست عام 2019، كشركة محلية في مصر بسجل تجاري يحمل اسم “هوج كوميونتي تك” على أنها شركة تطوير مواقع إلكترونية، وفي أغسطس 2022، أطلقت موقعا إلكترونيا وتطبيقا للهاتف الجوال، وحملة إعلانية عن نشاطها في مجال تعدين العملات المشفرة والاستثمار فيها، ثم دعت المصريين لمنح أموالهم للمنصة للاستثمار فيها.