الاستثمار نيوز
كتبت:سمر عادل
أعطى شباب الوطن وأطفاله رسالة جميلة في الإنسانية نابعة من قلوبهم على حدود رفح في دعم أهلنا في غزة، خرج مايقرب من 1400 شاب وفتاة وطفل من شمال سيناء ورفح والعريش كمتطوعين يرابطون بجوار قافلات الخير التي تحمل الطعام والدم لأهالي غزة أثناء الحرب الغاشمة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي.
يواصلون الليل مع النهارلتقديم كافة المساعدات المطلوبة بشكل عاجل، أثبتوا أن شباب مصر قادرون على تحدي المواقف، جلسوا أيام طويلة دون شكوى من التعب، هدفهم واحد مساندة أشقائهم
تواصلنا معهم للحديث عن تفاصيل هذا العمل البطولي ومشاركة الفتاة السيناوية بجوار الشاب والطفل أيضاً، معظمهم تعلموا حب الوطن والانتفاض في أي نداء للوطن من أبائهم وأجدادهم الذين لهم باع كبير في العمل الوطني.
يقول محمد الهرش من بير العبد، كنت ولازلت أحد المتطوعين الدائمين لأي عمل إنساني، فأنا من أحفاد الشيخ سالم الهرش أحد مشايخ سيناء، تربينا على الانتماء والولاء والوطنية، نشأت في عائلة وطنية من الطراز الأول، جميع أبناء عائلتي يحرصون على المشاركة في العمل الوطني والتطوعي.
بدأت العمل في المساعدات المالية منذ أن كان عمري 12عام، كان والدي يصطحبني معه أثناء المساعدات داخل القرى النائية، ذلك الأمر الذي غرسه والدي بي منذ الصغر هو حب المساعدات الإنسانية.
وفي اليوم السابع من أكتوبر عند قامت قوات حماس في القصف على إسرائيل، سبق أن تنبئنا بأن رد الفعل سيكون عنيف من الكيان الصهيوني، وفي ذلك الوقت تجمع الشباب المتطوعين من مؤسسة مصر الخير ومؤسسة أجيال مصر لتنمية الشباب الذين بلغ عددهم في البداية بشكل عاجل 150 فرد من أجل مساعدة أشقائنا في قطاع غزة إلى أن بلغ عدد المتطوعين 1400 شاب وفتاة.
استمر الشباب في متابعة الأخبار لحظة بلحظة حتى اليوم الحادي عشر من أكتوبر الذي أصبح الأمر أزمة كبيرة على الأهالي في فلسطين، قمنا بعمل اجتماع في مركز دير العبد، وسبق أن تناقشنا في الوسائل التي يمكننا أن نرسلها لتكون مساعدات إلى أهالي غزة، فقمنا بتقسيم أنفسنا إلى مجموعات منهم من توجه إلى جمع الدم من شباب المحافظات، إلى جانب فئة أخرى مسئولة عن الدعم النفسي لكافة الأفراد المصابين في غزة وتأهيلهم مرة أخرى.
وبمجرد وصول قافلة إلى المدينة الشبابية بالعريش في اليوم الحادي عشر من أكتوبر، على الفور توجه المتطوعين إلى المكان للمساندة فكان الأمر الأول الذي قمنا بعمله هو تفريغ الشاحنات وتنظيمها مرة أخرى وفق المعايير الدولية، والمقصود بالمعايير الدولية هنا أن تكون المواد داخل الشاحنات محاطة ب(استريتش) قوي وهي مادة بلاستيكية للتغليف حتى يسهل فرزها وانجاز المهمة لتصل إلى الأهالي بغزة بشكل أسرع.
بدأنا في تفريغ الشاحنات وتصنيفها مرة أخرى مثل وضع المواد الغذائية إلى جانب والمواد الأخرى في جانب آخر، فكان يوجد معنا متخصصين في الصحة، إلى جانب متخصصين في إعادة وتفريغ الشاحنات، وكان العمل الخاص بالشباب بديل للأجهزة بسبب وجود عدد بسيط من هذه الأجهزة مثل جهاز (الكلارك) والمقصود به اللودر الصغير الذي يفرغ الشاحنات على الأرض، ولم ننتظر ذلك الجهاز أن يفرغ الشاحنات بمفرده بل كنا نقوم بحمل الموجود بالشاحنات، والتي يصل بها بعض الحمولات إلي أكثر من 200 كيلو.
وأثناء حمل المساعدات وإعادة تدويرها كان الشباب يرددون نحن قادمون يا غزة، وكان ذلك الدافع الأول والأخير الذي نسعى إليه لتوصيل المساعدات إلى غزة.
تابع الهرش: كنا نعمل مع التحالف الوطني بكافة مؤسساته والتي تصل إلى أكثر من 35 مؤسسة، وحاليًا بلغ عدد السيارات التي وصلت إلى غزة حوالي 500 سيارة شاركنا بأيدينا في تنظيمها، أما الذي سبق لنا المشاركة به وصل نحو 410 سيارة.
منذ يوم 11 من شهر أكتوبر لمدة 25 يوم متواصلة دون إنقطاع، ثم قمت بالعودة إلى المعبر لمساعدة الموجودين والمرافقين للحالات وذلك بعد أصبحت كافة الشاحنات جاهزة بشكل كامل، بالإضافة إلى عملي في الموقع كقائد المتطوعين، وكان عدد المتطوعين الموجودين على مدار اليوم الذين يعودون إلى المنزل ما يقرب من 500 متطوع.
كان هدفنا الأساسي هو وقف إطلاق النار الفوري إلى جانب دخول المساعدات والهدف الثالث هو خروج المصابين واسعافهم في مصر، وبالفعل تمكنت مصر بتسهيل الإجراءات الخاصة بدخول المساعدات وخروج المصابين ونتمنى قريبًا أن تنتهي هذه الحرب، وتم توزيع الحالات المصابة بعضهم في بئر العبد والشيخ زويد.
واختتم محمد الهرش كلماته بأن الشعب المصري يعمل بعاطفته بشكل كبير وذلك مع الحق دائمًا، بالإضافة إلى مد يد العون لكافة الشعوب في الوطن العربي، حتى وإن كان طفل مصري صغير فهو بطل، فقد كان معنا نموذج لطفل صغير من المتطوعين على الحدود للمساندة في الشيخ زويد ظل يعمل معنا طوال الليل في إنشاء الخيام للاعتصام، وعندما أخبرته بأن يتلقى بعض الراحة لصغر سنه فهو لم يتعد عمره الـ14 عام فقام بالرد بشكل سريع وعفوي وكانت كلماته مليئة بالمحبة عندما أخبرني بأنه لن يتمكن من الحصول على الراحة إلا عندما يصبح أهالي غزة مرتاحين، حتى الآن تتردد هذه الكلمة في مسامعي، وأصبحت هذه الكلمة هي الدافع لي لإكمال العمل عند شعوري بالإحباط.
وتتراوح أعمار المشاركين في فريق التطوع من 14حتى 45 عام ، وأود أن أضيف الشكر إلى الفتاة السيناوية التي تحملت كافة المصاعب لتقديم المساعدات، بالإضافة إلى أنه كان يتواجد ما يقرب من 35 فتاة يبذلون قصارى جهدهم في تفريغ السيارات وفئة أخرى قامت بتجهيز الطعام للمتطوعين، بالإضافة إلى تنظيف الخيام الخاصة بالمتطوعين المقيمين.
وأكدت ريم علي من أبناء شباب سيناء، حرصها على التواجد على الحدود مثلها مثل أي شاب وفتاة سيناوية، فيوجد فريق دائم لمحافظة شمال سيناء من المتطوعين المشاركين في الأزمات وهو فريق متاح في سيناء منذ عام 2005.
الفتايات شاركن بكل حب وثقة، فالمرأة السيناوية لها دور قوي في العمل الإنساني وتعلمنا الكثير من أجل تلك المواقع، فنحن على دراية بالإسعافات الأولية، وإعادة تعبئة المساعدات الإنسانية، وقمنا بعملنا في المساعدات بشكل جيد لأهالينا في غزة، وكان لنا دور حيوي أشادة به وزارة الشباب ومحافظ شمال سيناء.
وأشارعمار صلاح نائب برلمان شباب مصر وأحد مدربين شباب وزارة الشباب والرياضة بالإدارة المركزية للبرلمان، الشباب المتطوعين في شمال سيناء لهم بصمة حقيقة في المهام الصعبة وأثر عظيم في المساعدات العاجلة في كل المراكز والقرى والتجمعات الصحراوية، والعدد كبير جدا، ويعد اعظم حاجة شاركنا فيها في المبادرات والمساندات هي مساندة أهل قطاع غزة أثناء الحرب، ونحرص على تلبية النداء أي وقت.
وما يميز شباب المتطوعين هنا في شمال سيناء أنهم على وعي سياسي جيد وتدريب دائم على الطوارئ، ونعيش على قصص أجدادنا في الدفاع عن الوطن، ولازالنا مرابطين على الحدود من أجل أهلنا في غزة فلازال هناك عدد كبير يطلب المساعدات وخاصة المساعدات الطبية، وكنا نحلم بالدخول إلى الداخل لهم بالمساعدات لكن لا يدخل أحد سوى سائق سيارات المساعدات فقط.